يعد الرمى عند العرب أهم ضروب الرياضة منذ نشأتهم ومن أحبها إلى نفوسهم ، فكان كل كلفهم به عظيماً ، ومزاولتهم إياه جمة ، وكان أبطالهم يتفاخرون بحدقة ويتبارون لنيل الغلبة فيه لما وجدوا فيه من ترويح للنفس وفوائد كثيرة في القتال ، وتوفير الأمن لهم .
أهمية الرمى عند العرب :
وكان للرمى عند العرب مزيد من الاعتناء بتعلم هذا العلم بالتلقي والعمل ، فإن القسي والرمي بالسهام كانت من أذكى أسلحتهم ، ولم تزل كذلك إلى أن ظهر ما ظهر من الأسلحة ، وقد ألف أهل الفضل قديماً وحديثاً في علم الرمي بالقوس رسائل كثيرة نظماً ونثراً وبينوا فيها كيف يقف الرامي ، وكيف يمسكها وحال الرمي قرباً وبعداً ارتفاعاً وانخفاضاً وبيان أحوال السهام ، وبري النبال ، وغير ذلك ….
ومعنى الرمى عند العرب : هو القصد ، وذلك أنهم يقولون : رميت ببصري الشيء ، أي قصدت إليه به ، قال بن الرومي:
نظرت فأقصدت الفـؤاد بسهمهـا ثم انثنت عنه فكاد يـهيـم
ويلاه أن نظرت وأن هي أعرضت وقع السهام ونزعهن أليم
ويعد الرمى عند العرب ركناً مهماً من أركان الفروسية ، فالفروسية عند العرب أربعة أنواع أحدها : ركوب الخيل والكر والفر بها ، والثاني : الرمي بالقوس، الثالث : المطاعنة بالرماح ، الرابع: المداورة بالسيوف ، فمن استكملها استكمل الفروسية .
الرمى عند العرب قبل الإسلام
عرف الرمى عند العرب منذ دهور طويلة موغلة بالقدم ، فقد أحتل الرمي بالقوس منزلة رفيعة في حضارات العرب القديمة ، وكان يعتبر سلاحاً حيوياً يستخدم لأغراض جمة ، واستمرت أهميتة في مختلف العصور التاريخية وحتى ظهور الأسلحة النارية حيث كان السلاح الفعال في القتال والصيد ، وقد أتقن العرب الرمي بالسهام إتقاناً فائقاً وأجادوا بطرائق الرماية إجادة تامة علماً وعملاً ووضعوا له الأصول والقواعد والنظم والقوانين
التي تنظم ديمومته وتطور صناعته ، فكان العرب يتدربون على اكتساب مهارته ، بدقة عالية ، ويتسابقون لنيل الرهان المتفق عليه ، وقال العرب الشيء الكثير بحقه شعراً ونثراً ، تمجيداً وإعجاباً. وحذق العرب بالرمي بالسهام عن غيرهم من الأمم وخير مثال على ذلك أن عرب الحيرة دربوا الملك بهرام جور الساسانيي على الرمي بالقوس ، فأصبح أمهر رماة ملوك الساسانيي
ولقد نظم العرب للرمي وسنوا له نظاماً تدريباً وخططاً ، تطورت مع الزمن ، وقد كان العرب قبل الإسلام يتدربون على إتقان فنون الرمي ولكن لم يكن تدريبهم إلزاميا ، فكان منهم من يتدرب ومنهم من لا يتدرب بحسب رغبته وهواه . كما كان العرب يتسابقون في الرمي بالسهام . فلما جاء الإسلام أمر على الرمي بالقوس وحث عليه ، ورغب المسلمين به فعظم شأنه ، وأحتل منزلة كريمة ورفيعة عند المسلمين
الرمى في الإسلام
يعد الرمى عند العرب أهم ضروب الرياضة الترويحية منذ نشأتهم ، ومن أحبها إلى نفوسهم ، فكان كلفهم به عظيماً ، ومزاولتهم إياه جمة ، وكان أبطالهم يتفاخرون بحدقة ويتبارون لنيل الغلبة فيه لما وجدوا فيه ترويحاً للنفس وفوائد كثيرة تعين في القتال والعيش ، وتوفير الأمن لهم .
يعد الرمي عند العرب ركناً حيوياً من أركان الفروسية ، فلما جاء الإسلام أمر بالتدريب على الرمي بالقوس، وحث عليه ، ورغب الناس به ، فعظم شأنه ، واحتل منزلة كريمة ورفيعة في المجتمع الإسلامي، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإتقان فنونها، وإعداد القوة للجهاد في سبيل الله،
ثبت عن رسول الله ﷺ انه رمى بالقوس يوم أُحد ، وأقتنى القسي وثبت عنه ﷺ انه حضر نضال السهام ، وأذن فيه ، وهو أجل هذه الأبواب على الإطلاق وأفضلها ، وكان الصحابة يفعلونه كثيراً ، وأباح الرسول محمد ﷺ السبق بالسهم ، لما في ذلك من المصالح والفوائد التي تعين في الحرب، وتستوجب الفروسية ، ويجترئ بها الإنسان على المناضلة والنزال .
والأحاديث النبوية الشريفة في مجال الرمي تسلط الضوء على مدى عمق اهتمام الإسلام بالحث على تعلم الرمي وإتقان فنونه ، وتبين فضله في سبيل الله تعالى ، إذ قال رسول الله ﷺ : “عليكم بالرمي فأنه من خير لعبكم”،
وحث رسول الله ﷺ الآباء على تدريب أبناءهم فنون الرمي فقال ﷺ ” علموا أبناءكم الرماية”، وقال ﷺ ” علموا بنيكم الرمي فأنه نكاية العدو” ، وروي عن الرسول محمد ﷺ: “حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي” ، وقال رسول الله ﷺ: “أن الملائكة لا تنظر شيئاً من لهوكم إلاّ الرهان والنضال”، وقال ﷺ: “تعلموا الرمي فأن الرمي ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة” ، وقال الرسول محمد ﷺ: “أرموا وأركبوا، وان ترموا أحب إلي من أن تركبوا”
وكان الجميع يزاولون الرمي بهمة عالية وسرور ومنهم كبار السن، فقد روى مسلم عن عبد الرحمن بن شماسه: أن فقيماً اللخمي قال: لعقبة بن عامر تختلف بين هذين الغرضين، وأنت كبير يشق عليك، قال عقبة: لولا كلام سمعته من رسول الله ﷺ لم أعانيه ، قال الحارث: فقلت لابن شماسه: وما ذاك ؟ قال: إنه قال: ” من علم الرمي ثم تركه ، فليس منا ، أو قد عصى”، وحذر رسول الله محمد ﷺ الناس من التماهل وترك مزاولة الرمي، فقد روى ابن ماجه عن عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله ﷺ: “من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني”، وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال: “من تعلم الرمي ثم تركه فهو نعمة تركها”.
أركان الرمى عند العرب :
ونود هنا أن نوضح بإيجاز أصول الرمي عند العرب وفروعه وما يحتاج الرامي الى تعلمه وصولاً الى استكمال علم الرمي . فالذي اجتمعت عليه الرماة العرب أن أصول الرمي خمسة :
جمعها بعضهم في قوله:
الرمي أفضل ما أوصى الرسول به وأشجع الناس من بالرمي يفتخر
أركـانه خمسه القـبض أولـهـا والعقد والمد والإطلاق والنظر
وجعلها بعضهم في أربعة وجمعها في قوله:
يا سائلي عن أصول الرمي أربعة العقد والقبض والإطلاق والنظر